تقديم الجماعة


الإطار التاريخي

تعود النواة الأولى للعمران ببرشيد إلى بداية القرن التاسع عشر، زمن حكم السلطان المولى سليمان العلوى، وذلك على يد قائد محلي يدعى كريران، وإسمه الحقيقي محمد بن عبد الخالق الحلوفي الحريزي، الذي عينه المولى سليمان سنة 1815م/1230 ه حاكما على بلاد تامسنا / الشاوية. وكانت تسمى آنذاك ((قصبة مرجانة)) الباقية آثارها إلى اليوم على بعد خمسة كيلومترات من مدينة برشيد الحالية صوب مدينة الكارة شرقا. وهي القصبة التي سيتم تدميرها سنة 1250ه/1834.1833م، على يد الشريف سيدي محمد بن الطيب بن محمد بن عبد الله إبن السلطان المولى عبد الرحمان، الذي عينه هذا الأخير حاكما على بلاد تامسنا ودكالة، فقام بحملة شرسة ضد القبائل المتمردة من أولاد حريز وأزمور ودكالة.

ومع منتصف القرن التاسع عشر للميلاد، كانت قد حلت بالشاوية عائلة إبن الرشيد العربية الأصل ذات النسب الإدريسي الشريف، من سلالة عيسى بن إدريس دفين منطقة أيت عتاب بتادلة، حيث سيعطي قيادها الأوائل (بوشعيب بن عثمان وأخيه رشيد، ثم إبنه محمد بن رشيد بن عثمان، والبقية تأتي..) انطلاق الأشغال الأولى بناء قصبة برشيد، وذلك حوالي سنة 1805 م بهدف تحصين مواقعهم ومراقبة القوافل التجارية الوافدة من جنوب المغرب. وحول هاته القصبة، التي كانت توجد فوق أراضي مستشفى الأمراض العقلية حاليا، كانت قد تجمعت، مع بداية القرن العشرين، حوالي 500 نسمة من قبائل أولاد حريز، المنحدرة من القواسم، من بني جابر وبني سفيان، ذات الأصل العربي المشرقي (عرب بني هلال وبني سليم)، مشكلين تجمعا سكنيا يضم. علاوة على سكن القايد عبد السلام برشيد وحاشيته. عدة محلات تجارية وحرفية صغيرة ( فنادق أو إسطبلات للمواشي، حرفيون،حلاقون، عدول..)، بالإضافة إلى معقل لخدام القايد، وقيسارية وسوق أسبوعي محلي يقعان خارج السياج الحائطي للقصبة.وفي شهر يوليوز من سنة 905 م، ستتعرض قصبة برشيد للنهب والتدمير والحرق، من طرف أنصار الحاج محمد ولد القايد الحاج حمو، و هو إبن عم القايد عبد السلام برشيد، الذي قام بانقلاب سلطوي عليه بدعم من القبائل المجاورة، وبإيعاز من الاستعمار الفرنسي الذي سيجتاح الشاوية في 13 يناير 1908. وهكذا، سيتم إنشاء ثكنةعسكرية فوق موقع قصبة برشيد، فيما انتقل الأهالي المحليون على بعد ثلاثة كيلومترات غربها، جنب طريق عين سيرني وتحلقوا حول ما بات يعرف بالقصبة الجديدة التي بناها القايد برشيد بعد رجوعه من فاس سنة 1907 م. كما سارع المستعمر إلى إقامة خط للسكة الحديدية و مد طريق معبدة للربط بين برشيد الفلاحية وميتروبول مدينة الدارالبيضاء الصناعية والتجارية؛ وعبر هاذين المسلكين دخلت أول دفعة أوروبية استوطنت بالمنطقة، مكونة بها قرية عصرية،جنب ملتقى طريقي سطات وخريبكة، بالجنوب الشرقي لبرشيد.ومع فرض الحماية على المغرب سنة 1912م، ستعرف برشيد انطلاق أشغال بناء منازل سكنية على مساحة 400 متر مربع للسكنى، موزعة في شكل فيلات حديثة تمت بها أشغال كبرى لإعداد الطرق والتزود بالماء الشروب، وهي الأشغال التي كانت تهم سكنى الموظفين والمستثمرين الأجانب دون غيرهم، لحمايتهم وعزلهم عن باقي أهالي المنطقة 

وحوالي سنة 920 م سيتركز الجزء الكبير من المباني حول الحي الإداري الفرنسي (ساحة فرنسا) المعروف حاليا بساحة الاستقلال، والذي كان يضم مصالح المراقب المدني، السجن، الضرائب، الأشغال العمومية،المستشفى الأهلي، المدرسة الفرنسية، السوق المركزي... وقد كان البناء آنئذ يتخذ شكل فيلات واسعة تفصل بينها أزقة فسيحة ومنتظمة، تأوي موظفي وأعوان الإدارة الفرنسية. ومع بداية الثلاثينيات، ستشهد برشيد انطلاق بناء أولى تجزئات السكن الاقتصادي على مشارف شمال المدينة (درب آرلو / دار ساراس). ومنذ منتصف الأربعينيات ستطفو على المشهد العمراني لبرشيد أحياء الصفيح، وذلك غرب خط السكة الحديدية(كاريان الحاج عمرو) بسبب نزوح سكان البوادي المجاورة بفعل قوة الهجرة القروية الناجمة عن توالي فترات الجفاف وتفكك ملكيات الأرض. وتحت تأثير المستعمر، تحولت برشيد إلى تجمع قروي ومركز لجمع المواد والمعدات الفلاحية بعد الاستقلال، وبحكم التوسع الإداري والتطور الصناعي للعاصمة الاقتصادية للبلاد، استطاعت برشيد أن تدخل في مصاف المدن المغربية الصغرى، بعدما تمكنت سنة 1969 من أن تصبح مركزا إداريا مستقلا ضمن تراب إقليم سطات المحدث سنة 1967. ومع تطور اللامركزية الإدارية والحركية الاقتصادية بالبلاد وبالجهة، تم إحداث منطقة صناعية مهمة ببرشيد منذ سنة 1982، وهي المنطقة التي أعطت دفعة هائلة للنمو السكاني (الهجرة الداخلية) والتوسع العمراني للمدينة، وخاصة في نطاقها الشرقي (خلق تجزئة بام والحي الحسني ووضع حد نهائي لأحياء الصفيح، انطلاق عملية البناء بمختلف تجزئاتكاسطوس)؛ الشيء الذي زاد من وتيرة النشاط الاقتصادي والرواج التجاري ببرشيد،وأهلها إلى أن تصبح اليوم نقطة حضرية متوسطة، قادرة على جذب الموارد البشرية المختلفة واستقطاب عدد لا يستهان به من الرساميل الوطنية والأجنبية، في مجالات الصناعة والفلاحة والعقار. وخاصة بعد أن تمت ترقية المدينة ترابيا وإداريا إلى مستوى العاصمة الإدارية لإقليم برشيد مع مطلع سنة 2010، تطبيقا للمرسوم رقم 2.09.319 المؤرخ في 11 يونيو 2009والقاضي بإحداث إقليم برشيد. وهو ما سيدفع بالمدينة إلى الاندماج أكثر فأكثر، في ميتروبول السوق الاقتصادية الوطنية والدولية، نظرا لقرمها وانخراطها في دينامية القطب الاقتصادي لجهة الدار البيضاء.سطات، وعبره في الأسواق والتكتلات الاقتصادية الجهوية، والعالمية.

 

الموقع الجغرافي والمحيط الطبيعي


الموقع، الحدود والسكان


توجد جماعة برشيد ضمن المجال الترابي لإقليم برشيد، وسط تراب جهة الدار البيضاء. سطات، المحدثة في إطار التقسيم الجهوي الجديد بالمملكة. وذلك غير بعيد عن جنوب العاصمة الاقتصادية للبلاد (36 كلم). و يمتد المجال الترابي للجماعة فوق مدينة برشيد وضواحيها على مساحة تقدر ب 33 كلم مربع، تمثل نسبة %1.30 من مساحة مجموع تراب إقليم برشيد(2530كلم مربع). ويصل عدد سكان مدينة برشيد ما مجموعه 136.634 نسمة حسب الإحصاء العام للسكان والسكنى لسنة 2014، وذلك بنسبة %28.20  من مجموع ساكنة الإقليم (484518 نسمة سنة 2014),.هذه الأخيرة التي تمثل 7% من مجموع ساكنة جهة الدار البيضاء. سطات (6 مليون و865 ألف نسمة).، موزعة بين من السكان القرويين، مقابل 9644 من السكان القرويين بهذا الإقليم الناهض، الذي ينمو سكانيا بوتيرة سنوية تقدر ب2.93، مقابل 5.7% كنسبة للنمو السكاني بمدينة برشيد.

يحد جماعة برشيد من الشمال جماعة أولاد صالح بإقليم النواصر، ومن الجنوب والغرب جماعة سيدي المكي، ومن الشرق جماعة جاقمة بإقليم برشيد. وتحتوي مدينة برشيد على باشوية، وخمس مقاطعات حضرية ، وهي تعد اليوم العاصمة الإدارية للإقليم المحدث منذ نهاية سنة 2009، والذي يضم 22 جماعة ترابية، منها ست بلديات بكل من برشيد، الدروة، الكارة، أحد السوالم، سيدي رحال الشاطئ، وأولاد عبو

التضاريس


تمتد مدينة برشيد فوق علو 215 مترا على سطح البحر، وذلك فوق سهل منبسط ، يتكون من طمي طيني مركب،مغطى بطمي غريني مرسب وسميك، ذي سطح يتميز بتربة التيرس السوداء والخصبة، يتجاوز أحيانا مترين، تشكل على إثر الحركات التكتونية للجيل الجيولوي الثالث، المفعم بالتحولات البحرية والقارية للزمن الجيولوي الرابع. ونظرا لوجود المدينة فوق سهل منبطح، فإن الشبكة الهيدوغرافية تتشكل من مياه عدة أودية: عسيلات، عايدة، الحيمر،مازر، تامدروست، وبوموسى، من الجهة الشمالية الغربية إلى الجهة الجنوبية الغربية.وتجري هذه الوديان من الشرق،مخترقة مدينة برشيد، في اتجاه الغرب، حيث سرير المصب الطبيعي لوادي مرزك في مياه المحيط الأطلسي..، الشيءالذي يجعل أرض المدينة معرضة لخطر الفيضانات، بحيث أن حوالي 715 هكتار من تراب الجماعة مهددة باستمرارأثناء مواسم التساقطات المطرية الغزيرة، 73 بالمائة من هذه الأراضي توجد شمال المدينة، في حين تشكل الأراضي المتواجدة بالمنطقة الغربية الجنوبية نسبة 27 بالمائة. وذلك نظرا لوجود المدينة فوق أراضي جد منبسطة، وسط سهل الشاوية المنبطح... هذا وإن كان برنامج الوقاية من الفيضانات (PPCI). المعد من طرف وكالة الحوض المائي لأبي رقراق وأعالي الشاوية، قد تمكن من حماية المدينة من خطر الفيضانات، من خلال بناء ثلاثة سدود تلية بالمرتفعات المطلة على المدينة من الجهة الشرقية، فوق كل من أودية الحيمر،
مازر و تامدروست.. التي طالما هددت مياهها الغزيرة مدينة برشيد ومنطقتها الصناعية

المناخ


تقع جماعة برشيد على خط الطول بالدرجة غربا 35°7 وخط العرض بالدرجة شمالا 33°15، متميزة بمناخها شبه القاري، الذي يخضع للتأثيرات الغربية للمحيط الأطلسي الذي يبعد عن المدينة بحوالي 50 كلم، بحيث تتفاوت درجات الحرارة بشكل جلي ما بين فصل الشتاء وفصل الصيف، متراوحة بين 25.2 كدرجة عليا و9.7 كدرجة دنيا، ليكون متوسط الحرارة بالمدينة هو 17.6 درجة. في حين يصل معدل التساقطات المطرية السنوية إلى 373 ملم، وتمتد الفترة الماطرة من شهر أكتوبر إلى شهر مارس. وتتراوح الأيام الممطرة بتراب الجماعة ما بين 30 و50 يوم في السنة بتساقطات مطرية ما بين 300 و400 ملمتر في السنة. أما بالنسبة للرياح، فتهب على المدينة رياح جنوبية غربية، محملة بأمطار من شهر نوفمبر إلى شهر فبراير، ورياح شمالية غربية معتدلة، ما بين شهري مارس ويونيو، وأحيانا رياح جنوبية شرقية ساخنة (ظاهرة الشركي) خلال فصل الصيف.